قال تعالى: ( هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ
ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ
ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبّرُ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )
[الحشر:22-24].
قال ابن حجر رحمه الله (السلام من أسماء الله تعالى فقد جاء في حديث التشهد (فإن الله هو السلام)
أيها الاخوة : فإن موضوعنا اليوم هو السلام شعار أهل الإسلام،
(السلام في القرآن الكريم):
ذكر بعض المفسرين أن السلام في القرآن الكريم على أوجه:
أحدها: اسم من أسماء الله عز وجل ومنه قوله تعالى في سورة الحشر: ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ [الحشر:23].
والثاني: التحية المعروفة، ومنه قوله تعالى: فَسَلّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ [النور:61].
الثالث: السلامة من كل شر، ومنه قوله تعالى في سورة الواقعة: فَسَلَـٰمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ [المعارج:91].
والرابع: الخير، ومنه قوله تعالى في سورة القدر: سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ [القدر:5]. قال ابن قتيبة: خير هي.
والخامس :الثناء الجميل، ومنه قوله تعالى في الصافات: سَلَـٰمٌ عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ [الصافات:109].
السادس: الجنة، ومنه قوله تعالى: لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ عِندَ رَبّهِمْ [الأنعام:127].
ايها الاخوة تأملوا هذه الأحاديث التي تحث على إفشاء السلام :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا
انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى
بأحق من الآخرة)) [رواه أبو داود واللفظ له والترمذي وقال الألباني: حسن
صحيح].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا
لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه
فليسلم عليه)) [رواه أبو داود وقال الألباني: صحيح].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعجز
الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام)) [رواه الطبراني في
الأوسط وقال المنذري في الترغيب: إسناده جيد قوي].
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون
المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم ) [رواه البخاري ومسلم].
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم
تعرف)) [متفق عليه].
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا
مر بقوم فسلم عليهم، فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم فإن
لم يرد عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب)) [رواه الطبراني والبزار
بأسانيد رجالها رجال الصحيح].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا
تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا
فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )) [رواه مسلم].
وعن أنس رضي الله أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله) [رواه البخاري ومسلم].
وعن أبي أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل
لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ
بالسلام)) [البخاري ومسلم].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك، فصلوات ربي
وسلامه عليك ما ترك خيراً إلا دلنا عليه)).
أيها الأخوة نحن أول من يرحب بالسلام
أيها الأخوة ... جعلت الأمم المتحدة عام 2001 عاما سمته "عام ثقافة
السلام" على الناس أن يشيعوا ثقافة السلام بدل ثقافة الحرب، ونحن أول من
يرحب بالسلام إذا كان سلاماً حقاً، سلاماً عادلاً، يعطي كل ذي حق حقه، ويرد
الظالم عن ظلمه والمغتصب عن غصبه، الأمة الإسلامية أمة السلام، والدين
الإسلامي دين السلام ولكنه السلام الحق ، ليس السلام المزيف ، ليس السلام
الذي يُضحَك به على الناس ، ليس السلام الذي يعطي اللص ما سرق ويرضِّي صاحب
الدار بأدنى شيء ، السلام الحقيقي نحن المسلمين نرحب به كل الترحيب .
ايها الاخوة الاسلام دين السلام
لهذا نقول أن الإسلام هو دين السلام حقاً ، الله تعالى يقول (يا أيها الذين
آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)
السلم هنا بمعنى الإسلام ، عبَّر عن الإسلام بالسلم لأنه سلام للإنسان ..
سلام له في نفسه.. سلام له في بيته.. سلام له في مجتمعه.. سلام له فيمن
حوله..هو دين السلام،
من أسماء الله تعالى في الإسلام "السلام" الله تعالى هو (الملك القدوس
السلام) ولذلك اشتهر المسلمون بين الأمم أن فيهم هذا الاسم "عبد السلام" أي
عبد الله ـ الله هو السلام والجنة دار السلام ـ (لهم دار السلام عند ربهم
وهو وليهم بما كانوا يعملون) "دار السلام"، وتحية المسلمين في الدنيا
والآخرة السلام، يلقى المؤمن أخاه فيقول له "السلام عليكم" ويرد عليه
"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" وفي الآخر (تحيتهم يوم يلقونه سلام)
والمسلمون إذا حاربوا يستجيبون لدعوة السلام إذا كانت في موضعها (وإن جنحوا
للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم).
الإسلام دين السلام ، ويبدأ السلام أول ما يبدأ في نفس الإنسان ، إذا أردت
أن تقيم سلاماً فابدأه من الفرد .. من اللبنة الأولى، من البذرة الأولى،
أقم السلم في نفس الإنسان، في ضمير الإنسان في كيان الإنسان الداخلي
الباطني
أيها الاخوة : من الآداب والفوائد المتعلقة بالسلام.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يسلم
الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير)) [البخاري
ومسلم].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يسلم
الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)) [البخاري
ومسلم].
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: ((عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس
فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه
السلام فجلس فقال: ثلاثون)) [أبو داود والترمذي وقال الألباني: صحيح].
وعن عمر رضي الله عنه قال : ثلاث يصفين لك ود أخيك: (أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه).
ومن الفوائد المتعلقة بالسلام: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:
(يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم).
وبعد أيها الاخوة يفهم مما مضى ما يأتي:
السلام من أسماء الله تعالى وهو المسلم لعباده المسلم على أوليائه.
والجنة دار السلام فهي دار السلامة من الآفات.
والسلام أمان الله في الأرض، وهو تحية أهل الإسلام في الدنيا وهو طريق المحبة والتعارف بين الناس جميعا .
والبخل بالسلام أشد من البخل بالمال .
السلام كما مر معنا يزيل العداوة وينهي الخصومة ويسل سخيمة الصدور، وكلما
زادت كلمات السلام زادت حسناته، وقد انتهى ما علمنا صلى الله عليه وسلم في
كلمات السلام إلى ((وبركاته))،
ولتعلم يا عبد الله أن من أشراط الساعة التي أخبرنا بها نبينا صلى الله
عليه وسلم أن يكون السلام للمعرفة فقط، وهذا خلاف ما أمرنا به نبينا صلى
الله عليه وسلم، ففي الحديث عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا
للمعرفة)) [رواه أحمد وقال العلامة أحمد شاكر: إسناده صحيح]. وفي رواية
له: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة)).
وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن، فكثير من الناس لا يسلمون إلا على من يعرفون،
وهذا خلاف السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حث على إفشاء السلام على
من عرفت ومن لمن تعرف. والله المستعان.
وأخيراً فلا تنس كثرة السلام على نبيك الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما
تعاقب الليل والنهار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: ((ما من أحد يسلم علي ّ إلا رد الله علي ّ روحي حتى أرد
عليه السلام)) [رواه أبو داود واللفظ له، وأحمد في المسند وقال الألباني:
حديث حسن].
فاللهم صل وسلم عليه تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.